معنى مصطلح الإمام عليه السلام في الإسلام
( بتاريخ: 10ذي القعدة 1413 ـ 3/5/1993 ـ 12/2/1372 )
يصادف غداً ولادة الإمام علي بن موسى الرضا أرواحنا فداه ، وهو يوم عظيم . ونحن نردد كلمة (إمام) فهل فهمنا ما تحويه هذه الكلمة وما تشتمل عليه ، وهل استوفينا البحث فيها ، وعرفنا موضوع أي سؤال تقع ؟
نحن على العموم نعرف مسائل الفقه والأصول جيداً ، أما في مسألة الإمامة التي هي من أهم المسائل ، فنحن قاصرون ومقصرون !
فهي ليست من مسائل علم الفقه أوأصول الفقه حتى أقول إني قد استوعبتها وتسلطت عليها! فأنا فيها في المرحلة الإبتدائية، ولا أعرف في الدنيا من هو بلغ فيها المرحلة المتوسطة ، حتى نبحث عن أهل المرحلة العليا فيها !
إن علينا أن نعرف أهمية المسألة وعظمتها ! وأول ما يجب أن نعرفه أن عنوانها عنوان مقدس. فكلمة الإمام التي هي موضوع بحثنا موضوع لسؤالين، عن المبدأ والمتلبس به، فالسؤال الأول: ما هي الإمامة؟والثاني: من هو الإمام؟
أما السؤال الأول فنجد مفهوم الإمامة في القرآن في مخاطبة الله تعالى لنبيه ابراهيم عليه السلام : وَإِذ ِابْتَلَىإِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (سورة البقرة:124) والمفكر المستيقظ المتأمل في عمق السؤال والجواب في الآية ، يرتجف أمام عظمة الموضوع ! ويرى أن جواب السؤال يكمن في كلمة (عهدي) فإنْ فَهِمَ كلمة (عهد الله) فقد فهم الإمامة ما هي؟
ومن يستطيع أن يدعي أنه يفهم (عهد الله تعالى) ما هو ؟
علينا أن نكون منصفين ونعترف بتقصيرنا وقصورنا ! فالقضية ليست مسألة من مسائل نهاية الدراية ، ولا الأسفار ، ولا الشفاء ! بل هي من المسائل لا يمكن أن تفهم إلا من أحاديث أئمة الدين أهل البيت الطاهرين عليهم السلام .
هذا جواب السؤال عن الإمامة .
أما السؤال عن الإمام من هو؟ فقد أجاب عنه الإمام الرضا عليه السلام الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمن ذكر اسمه: قل صلى الله عليه، ثلاثاً ! قال الصدوق أعلى الله مقامه في عيون أخبار الرضا عليه السلام ج1 ص313: (حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن محمد بن يحيى المعاذي النيسابوري قال: حدثنا أبوالحسن علي بن أحمد بن علي البصري المعدل قال: رأى رجل من الصالحين فيما يرى النائم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله من أزور من أولادك ؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم : إن من أولادي من أتاني مسموماً، وإن من أولادي من أتاني مقتولاً ! قال فقلت له: فمن أزور منهم يارسول الله مع تشتت مشاهدهم أوقال أماكنهم؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم : من هو أقرب منك يعني بالمجاورة وهو مدفون بأرض الغربة . قال: فقلت يا رسول الله تعني الرضا؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم : قل صلى الله عليه ، ثلاثاً ). انتهى.
ترى أي خصوصية في شخصية الإمام الرضا عليه السلام حتى يأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالصلاة عليه ثلاثاً عند ذكر اسمه ؟! إن هذا بحث مستقل .
يجيب عن سؤالنا الإمام الرضا عليه السلام الذي أعطاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام لقب: عالم آل محمد! فمع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكذا الأئمة عليهم السلام علماء بكل أسرار الوجود ، وشهداء الله على خلقه، وقد أعطاهم الله تعالى علم السيطرة التكوينية والتشريعية، فقال عز وجل: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَئٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ. ( سورة النحل: 89) ، وقال تعالى: وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَىبِالله شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَاب. ( سورة الرعد:43 )
ومع ذلك فقد أعطوا لقب (عالم آل محمد) لشخص واحد منهم فقط هو الإمام الرضا عليه السلام ! روى أبو الصلت الهروي رحمه الله قال: ( لقد حدثني محمد بن إسحاق بن موسى بن جعفر ، عن أبيه عن جده موسى عليه السلام أنه كان يقول: هذا أخوك علي بن موسى عالم آل محمد فاسألوه عن أديانكم واحفظوا ما يقول لكم، فإني سمعت أبي جعفراً يقول غير مرة: إن عالم آل محمد لفي صلبك، وليتني أدركه فإنه سمي أمير المؤمنين عليه السلام )(البحار: 49/100) .
لقد أجاب عالم آل محمد عليه السلام عن سؤالنا: من هو الإمام ؟ فعدَّدَ بضعةً وخمسين صفةً للإمام المنصوب من الله تعالى ! وهنا معدن معرفة الإمام ، من لسان الإمام ، الخبير بالإمامة وصفات الإمام عليه السلام !
إن واجبكم جميعاً أن تدرسوا هذه الأصول من هذا المنبع الصافي، وتتأملوا فيها، بقوة إيمان ، وصفاء ضمير ، واستمداد من الله تعالى ، لعله يفيض على قلوبكم بعض معارفها. (1)
من هذه الصفات التي ذكرها الإمام عليه السلام في جوابه المفصل عن ماهية الإمامة والإمام ، قال: الإمام واحد دهره، لا يدانيه أحد ، لاحظوا أن الإمام عليه السلام استعمل كلمة (دهره) ولم يقل (واحد زمانه) فالدهر غير الزمان كما يأتي. ولاحظوا أنه استعمل لفظ (واحد) ثم لفظ (أحد) ولكل منهما معنى في مكانه
وقبل هذه الجملة وصف شخص الإمام بأنه: كالشمس الطالعة المجللة بنورها للعالم وهي في الأفق، بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار. فشبهه بالشمس التي تجلل بنورها العالم ولا تصل اليها الأيدي ، ولا إلى عمقها الأنظار . هذا كما في رواية الكافي وتحف العقول وغيبة النعماني ونسخةمن معاني الأخبار، أما رواية عيون أخبار الرضا عليه السلام وغيرها من روايات الصدوق رحمه الله ففيها: كالشمس الطالعة بنورها للعالم ، لكن العبارتين تصفان الإمام عليه السلام بأنه شمس تضئ على العالم وأنها في أفق سام ، لا تناله الأيدي والأبصار !
وقد أردنا أن تكون هذ الصفة مقدمة لشرح صفة: الإمام واحد دهره، فالدهر في اصطلاح الفلاسفة أعم من الزمان لأنه وعاء المجردات ، في مقابل الزمان الذي هو وعاء الماديات ، وعلى هذا بنى المحقق الداماد رحمه الله مصطلحه عن الإمام: القدوس الدهري.
أما اللغويون فقد أطالوا بحث الفرق بين الدهر والزمان ، وبعضهم قال بعدم الفرق ، وبعضهم قال بأن الدهر أعم ، وهو ما نرجحه.
على أنا يمكننا أن نفهم أن الإمام واحد الدهر، وليس الزمان بالدليل العقلي، فإن هذه المباحث برهانية لا تعبدية، وإن كانت مقدمات البرهان فيها عميقة ودقيقة، فكلما كانت المسألة مهمة أكثر ، كانت مقدمات أدلتها أعمق وأدق !
إن الإمام عصارة خِلْقَة الإنسان ، وصورة الإنسان كما عن الإمام الصادق عليه السلام : أكبر حجج الله على خلقه وهي الهيكل الذي بناه بقدرته . (2)
وقد استعمل الله سبحانه تعبير (تَبَارَكَ) عن خلق الإنسان مرتين، مرة في غاية خلقه ، ومرة فيما تنتهي اليه الغاية! قال الله تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (سورة التين:4 ) ، وقال تعالى: ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ( سورة المؤمنون:14) وتعبير (تَبَارَك) لم يستعمل في القرآن إلا في موارد محدودة ، منها لملك الله تعالى: تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شئٍ قَدِيرٌ
( سورة الملك: 1) ومنها لخلق السماوات والأرض، ومنها لخلق البروج والشمس والقمر ، ومنها لخلق الإنسان ، ومنها لتنزيل االقرآن: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً ( سورة الفرقان: 1) وقد جمع بينهما في سورة الرحمان فقال: الرَّحْمَنُ.عَلَّمَ الْقُرْآنَ.خَلَقَ الأَنْسَانَ.عَلَّمَهُ الْبَيَانَ وختمها بقوله: تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِى الْجَلالِ وَالأَكْرَامِ .
هذا الإنسان المخلوق بهذه العظمة في بنائه ، واستعداده للتكامل ، لابد أن يصل الى كماله الذي قال الله عنه للملائكة: إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ! جواباً على قولهم: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ)؟!
وكمال الإنسان إنما هو بوصول قوتين كامنتين فيه الى أوج إثمارهما: قوة العقل، وقوة الإرادة. فعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: (دعامة الإنسان العقل، والعقل منه الفطنة والفهم، والحفظ والعلم) (الكافي:1/25 ، وعلل الشرائع :1/103)
والعقل قسمان: عقلٌ نظري، وكماله المطلق بالإستغراق في نوعٍ من المعرفة يشمل كل أنواع معرفة الوجود ، وهو معرفة الله تعالى !
وعقلٌ عملي، وكماله المطلق ينتهي الى فناء إرادة الإنسان في إرادة ذات القدوس الحق تعالى . وعندما تفنى جنبة العقل النظرية والعملية ، تلك في المعرفة ، وهذه في الإرادة ، فعنئذ يكون الإنسان:واحد دهره!
الإمام واحد دهره، فهو الإنسان الذي يستحق العهد الإلهي المخصوص بين أبينا ابراهيم عليه السلام وبين الله تعالى، ويستحق منصب الإمامة الإلهية! ولا يمكن أن يستحقه أحد إلا إذا كان:واحد دهره !
إن موضوع الإمامة عميق وواسع، فعليه يتوقف تحقيق الغرض من خلق الله تعالى للإنسان، بل من كل الخلق، وما لم يكن الإمام في نظام الوجود ، فإن الغرض من خلق الخلق لايتمّ.
والناس كما قال صلى الله عليه وآله وسلم : معادن، فلابد أن يتم تبلور معادنهم بإشراقة الإمام عليه السلام ، فهو للناس ضرورة كضرورة الشمس للمعادن في الأرض. قال صلى الله عليه وآله وسلم : (الناس معادن كمعادن الذهب والفضة ، فمن كان له في الجاهلية أصل فله في الإسلام أصل). ( الكافي :8 /177عن الإمام الصادق عليه السلام .ورواه مسلم:8/41 بلفظ: الناس معادن كمعادن الفضة والذهب خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ).
إن الأمر الذي سبَّبَ عدم فهم المسلمين والبشرية للإمامة هو الإنحراف الخطير الذي وقعت فيه الأمة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأطاعت من انحرف بمسيرة الإسلام عن مسارها الرباني بقيادة الإمام المعصوم عليه السلام ! فقد أقصت الأمة مع الأسف الإمام الذي عينه لها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وعزلته عن قيادتها، وأسلمت نفسها الى أشخاص تقمصوا الإمامة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قام أمرهم ووجودهم وأفعالهم وأقوالهم على غير العلم والحق ! وهذا هو السبب الذي أوصل الأمة الى مهاوي الضلال والضياع والضعف، وجعلها لا تعرف مقام الإمام ومهمته الربانية في مسيرتها !
أنتم تعرفون المأمون العباسي من هو؟! فاقرؤوا عنه هذه القصة التي يرويها الصدوق أعلى الله مقامه عن عبد الله بن محمد الهاشمي قال: ( دخلت على المأمون يوماً فأجلسني وأخرج من كان عنده، ثم دعا بالطعام فطعمنا ثم طيبنا ، ثم أمر بستارة فضربت، ثم أقبل على بعض من كان في الستارة فقال: بالله لما رثيتِ لنا من بطوس، فأخذت تقول:
سقياً لطوسٍ ومن أضحى بها قَطَنا من عترة المصطفى أبقى لنا حَزَن
قال ثم بكى وقال لي: يا عبد الله أيلومني أهل بيتي وأهل بيتك أن نصبت أبا الحسن الرضا عليه السلام علماً، فو الله لأحدثُك بحديث تتعجب منه: جئته يوماً فقلت له جعلت فداك إن آبائك موسى بن حعفر وجعفر بن محمد ومحمد بن علي وعلي بن الحسين، كان عندهم علم ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة، وأنت وصي القوم ووارثهم وعندك علمهم، وقد بدت لي إليك حاجة ؟
قال: هاتها . فقلت: هذه الزاهرية حظيتي ولا أقدِّم عليها أحداً من جواريَّ ، قد حملت غير مرة وأسقطت ، وهي الآن حامل، فدلني على ما نتعالج به فتسلم .
فقال: لا تخف من إسقاطها، فإنها تسلم وتلد غلاماً أشبه الناس بأمه، ويكون له خنصر زائدة في يده اليمنى ليست بالمدلاة ، وفي رجله اليسرى خنصر زائدة ليست بالمدلاة ! فقلت في نفسي أشهد أن الله على كل شئ قدير، فولدت الزاهرية غلاماً أشبه الناس بأمه، في يده اليمنى خنصر زائدة ليست بالمدلاة ، وفي رجله اليسرى خنصر زائدة ليست بالمدلاة، على ما كان وصفه لي الرضا !!
فمن يلومني على نصبي إياه علماً ). (عيون أخبار الرضا عليه السلام :1/241 ) (3)
بكى المأمون، وكيف لا يبكي رغم طغيانه وتكبره؟! وقد شاهد علم الإمام الرضا عليه السلام بمقادير الله تعالى فأخبره بيقين المحيط بالأمر: لاتخف من إسقاطها، فإنها تسلم وتلد غلاماً أشبه الناس بأمه!!
لقد شاهد المأمون قوله تعالى: وَكُلَّ شَئٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً ( سورة النبأ: 29) وشاهد تطبيقه في قوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نُحيْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَئٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ( سورة يس: 12) ورأى بعينيه وعقله أن الله تعالى يُطلع حجته الإمام المعصوم على مقاديره: إرادة الرب في مقادير أموره تهبط إليكم وتصدر من بيوتكم! (الكافي:4/577 ، وكامل الزيارات ص366 ، من زيارة الإمام الحسين عليه السلام )
إن هذه القصة من الرحمة الرحمانية للمأمون ، ومن مفردات إتمام الحجة على هذا العفريت المستكبر الذي يعبد نفسه ولا يعبد ربه ، ولا شغل له بالله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ولابالإسلام والقرآن، ولا بالإمام الرضا عليه السلام وعلمه الرباني،إلا بقدر أن تلد له جاريته الزاهرية المفضلة ولداً جميلاً ! وكذلك هي حقيقة الطغاة !
المرحوم الشيخ حبيب الله گلپايگاني، شخصيةٌ معروفة عند كبار علماء گلپايگان ، وهو من الأولياء ، وإن لم يكن من الأوتاد ، فهو من الأبدال .
كنت بخدمته في عودتي ذات مرة من النجف الأشرف ، وسألته عن القصة التالية فنقلها لي ، وهي مفصلة ، خلاصتها: سألته: ما هي قصتك حتى أنك تمسح بيدك على مكان الوجع فيشفيه الله تعالى؟
قال: مرضت في مشهد الإمام الرضا عليه السلام ونقلوني الى المستشفى، وبعد يوم من معالجتي واشتداد مرضي، تغيرت حالتي فأدرت وجهي الى قبة الإمام الرضا عليه السلام وقلت له: سيدي كنت لمدة أربعين سنة أول شخص يدخل حرمك الشريف ويزورك !
(وقد صدق قدس سره فقد رأيته يوم كنا في مدرسة في مشهد اسمها مدرسة الحاج حسن، وكان رحمه الله مسؤولاًً عن الطلبة وله غرفة في المدرسة، رأيته في شتاء خراسان القارس يذهب قبل الفجر تحت هطول الثلج، ويفرش سجادته في الإيوان خلف باب حرم الإمام الرضا عليه السلام ويصلي صلاة الليل ، حتى يفتحوا الباب قرب الفجر ، فيكون أول داخل الى الحرم الشريف ).
قال رحمه الله :قلت للإمام كنت في خدمتك هكذا أربعين سنة فهل تتركني الآن؟!
قال رحمه الله : كنت في اليقظة ولم أكن نائماً ولا ساهياً، فرأيت عالماً آخر، بستاناً فيه أرائك ، وقد جلس الإمام الرضا عليه السلام وأنا الى جنبه ، فمد اليَّ يده وأعطاني طاقة ورد ، فأخذتها بيدي هذه! وعدت الى عالمي ونظرت في يدي فلم أجد شيئاً! وكذلك لم أجد أثراً لألمي ولا لمرضي! ومن ذلك اليوم رأيت أني كلما مسحت بيدي على وجع في جسمي أو جسم أحد يرتفع وجعه ويذهب مرضه بلطف الله تعالى! وكم شافى الله علىيده رحمه الله من أشخاص، وكان عدة منهم مصابين بمرض السرطان !
قال رحمه الله : قبل أن تكثر مصافحة أهل المعاصي ليدي هذه ، كنت إذا مسحت بها على وجع يرتفع مباشرة ويتم الشفاء، أما بعد ذلك فإني أمسح على مكان الألم عدة مرات ، وأدعو حتى يخف الألم ، وقد يرتفع !
تلك هي الرحمة الرحمانية تصل بواسطة الإمام الرضا عليه السلام الى المأمون. وهذه الرحمة الرحيمية تصل الى هذا الولي الشيخ حبيب الله قدس سره ، فبدون أن يتكلم الإمام عليه السلام يعطيه طاقة ورد ، وبمجرد أن يأخذها يحدث انقلاب في يده!
إنه الإكسير الأعظم ، لو تركوه يمس العالم ، لانقلب الى عالم أعلى !
إلهي.. بكرامة الإمام الرضا عندك، أعف عن تقصيرنا وقصورنا.
اللهم صل وسلم على وليك علي بن موسى الرضا
عدد ما في علمك ، صلاةً دائمةً بدوام ملكك.